السبت، 14 أغسطس 2010

رمضان شهر الرحمة والمغفرة موضوع بعنوان كل رمضان يفرق )

بسم الله الرحمن الرحيم

يأتي هذا الضيف القدير كل عام ويدخل في ساحات أيامنا وليالينا فتمتلئ أوقاتنا بهجة بقدومه، وتنتشي أرواحنا طرباً بهلاله؛ إنه شهر رمضان الذي ما ذكر في مجلس إلا وأنِس الحاضرون باسمه، ولم يروِ لنا الراوي حكاياته وأخباره إلا اشرأبت الأعناق لسماعها والاستمتاع بها والعيش معها، إنه شهر المكرمات والفضائل، شهر الطاعة والأنس بالله، شهر الذكريات الجميلة والساعات العذبة واللحظات الباسمة الباسقة ..
رمضان يا شهر التحرر ليتنا *** من جاهلية فكرنا نتحرر
رمضان تأتي واللظى يغتالنا *** والحب في جنباتنا يتكسر
ما زلت يا رمضان أكرم زائر *** ليست تمل وإن تكن تتكرر
رمضان فرصة لكي نجدد إيماننا ونحاسب أنفسنا ونعاتب ضمائرنا؛ لتتطهر من دنس المادة ودَرَن الآثام، ولتسمو أرواحنا وتفيق من هجعة الغفلة وسَنَة الشرود، رمضان نعمة وأي نعمة !! إنه يجيء لكي نضيف إلى موازين أعمالنا أعمالاً أخرى ونرفع من رصيدنا الأخروي بأسهم إضافية؛ فالجنة درجات وبلوغها بالأعمال وما يقدمه المرء لنفسه في هذه الحياة بعد أن تدركه رحمة ربه ومولاه ..

كل رمضان يهل هلاله وينتشر فينا عطره لابد أن يستشعر المرء فيه نعمة ربه أن أتاح له رمضان جديداً وكتب له عمراً جديدا كان فيه رمضان؛ فثمة فرق كبير لا يقارن بين من مات في هذا العام قبل مجيء رمضان وبين من عاش حتى أدرك هذا الضيف المنتظر، تأملوا معي في هذه القصة وستعرفون الفرق بيننا وبين من ودعنا في هذا العام من الأحباب والأقارب والجيران والأصدقاء .. عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رجلين من بلي قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إسلامهما معا ، وكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر؛ فغزا المجتهد فاستشهد ، ثم مكث الآخر بعده سنة ثم توفي . فقال طلحة : بينا أنا عند باب الجنة –يعني : في النوم - إذا أنا بهما؛ فخرج خارج من الجنة فأذن للذي مات الآخر منهما ، ثم رجع فأذن للذي استشهد ، ثم رجع إلي فقال : ارجع فإنك لم يأن لك بعد . فأصبح طلحة ، فحدث الناس فعجبوا ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من أي ذلك تعجبون ؟ قالوا : يا رسول الله ! هذا الذي كان أشد الرجلين اجتهادا فاستشهد في سبيل الله فدخل الآخر الجنة قبله ، قال : أليس قد مكث هذا بعده سنة ؟ وأدرك رمضان فصامه ؟ قالوا : بلى ، وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة ؟ قالوا : بلى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض )) .رواه ابن ماجه والبزار وصححه الألباني

أرأيتم كيف أثّر صيام شهر رمضان في درجته ومنزلته؟! فالأعمار إذن لا قيمة لها إلا إذا أنفقها صاحبها في الخير والبر والعمل الصالح، وبقاء الإنسان في هذه الدنيا أعظم ما يكون لو كان العمل الخالص وبذل المعروف رفيقه فيها. إن رمضان فرصة تمثل الكثير الكثير لمن أدرك قوانين التجارة الرابحة مع الله، ومضمار واسع للسباق والمبادرة بالقُرب والطاعات؛ فكل عمل يصنع الفرق، وكل دقيقة قد تكون فارقة بينك وبين من يعيش معك، وكل رمضان تصومه قد يغيّر الحسابات وتتغير معها الموازين وهنيئاً لمن أدرك هذا الشهر وقدّم فيه عملاً صالحاً؛ فكل عمل مكتوب، وكل تسبيحة محسوبة وكل سجدة مسجلة، وكل رمضان \"يِفرق\" وكل عام وأنتم إلى الله أقرب وتقبل الله طاعتكم ..

 

كــل رمضـــان "(( يفـــرق ))"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق